وحكايات عربية اُخرى
{
}
 
الصفحة الرئيسية > ألف ليلة وليلة > في الليلة السادسة والأربعين

الحكاية السابقة : حكاية الوزيرين التي فيها ذكر أنيس الجليس


في الليلة السادسة والأربعين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العجمي صاحب الجارية لما حضر بين يدي الوزير الفضل بن خاقان قال له الوزير: رضيت أن تأخذ في هذه الجارية عشرة آلاف دينار من السلطان محمد بن سليمان الزيني؟ فقال العجمي: حيث كانت للسلطان فالواجب علي ان أقدمها إليه هدية بلا ثمن. فعند ذلك أمر بإحضار الأموال فلما حضرت وزن الدنانير للعجمي ثم أقبل النخاس على الوزير وقال: عن إذن مولانا الوزير أتكلم فقال الوزير: هات ما عندك فقال: عندي من الرأي أن لا تطلع بهذه الجارية إلى السلطان في هذا اليوم، فإنه قادمة من السفر واختلفت عليها الهواء وأتعبها السفر ولكن خلها عندك في القصر عشرة أيام حتى تستريح فيزداد جمالها ثم أدخلها الحمام وألبسها أحسن الثياب وأطلع بها إلى السلطان فيكون لك في ذلك الحظ الأوفر، فتأمل الوزير كلام النخاس فوجده صواباً فأتى بها إلى قصره وأخلى لها مقصورة ورتب لها كل ما تحتاج إليه من طعام وشراب وغيره فمكثت مدة على تلك الرفاهية وكان للوزير الفضل بن خاقان ولد كأنه البدر إذا أشرق بوجه أقمر وخد أحمر وعليه خال كنقطة عنبر وفيه عذار أخضر كما قال الشاعر في مثله هذه الأبيات:

ورد الخدود ودونه شوك القـنـا فمن المحدث نفسه أن يجتـنـى
لا تمدد الأيدي إليه فـطـالـمـا شنوا الحروب
لأن مددنا الأعينـا يا قلبه القاسـي ورقة خـصـره
هلا نقلت إلى هنا مـن هـنـا لو كان رقة خصره
في قـلـبـه ما جار قط على المحب ولا جنى
يا عاذلي في حبه كـن عـاذري من لي بجسم قد تملكه الضنـى
ما الذنب إلا للفـؤاد ونـاظـري لولاهما ما كنت في هذا العنـى

وكان الصبي لم يعرف قضية هذه الجارية وكان والده أوصاها وقال لها: يا بنتي اعلمي أني ما اشتريتك إلا سرية للملك محمد بن سليمان الزيني وإن لي ولداً ما ترك صبية في الحارة إلا فعل بها، فاحفظي نفسك منه وأحذري أن تريه وجهك أو تسمعيه كلامك فقالت الجارية: السمع والطاعة ثم تركها وانصرف. واتفق بالأمر المقدر أن الجارية دخلت يوماً من الأيام الحمام الذي في المنزل وقد حماها بعض الجواري ولبست الثياب الفاخرة فتزايد حسنها وجمالها ودخلت على زوجة الوزير فقبلت يدها فقالت لها: نعيماً يا أنيس الجليس كيف حالك في هذا الحمام؟ فقالت: يا سيدتي ما كنت محتاجة إلا إلى حضورك فيه، فعند ذلك قالت سيدة البيت للجواري: هيا بنا ندخل الحمام فامتثلن أمرها ومضين وسيدتهن بينهن وقد وكلت بباب المقصورة التي فيها أنيس الجليس جاريتين صغيرتين وقالت لهما: لا تمكنا أحد من الدخول على الجارية فقالتا: السمع والطاعة. فبينما أنيس الجليس قاعدة في المقصورة وإذا بابن الوزير الذي اسمه علي نور الدين قد دخل وسأل عن أمه وعن العائلة، فقالت له الجاريتان: دخلوا الحمام،و قد سمعت الجارية أنيس الجليس كلام علي نور الدين بن الوزير وهي من داخل المقصورة. فقالت في نفسها: ياترى ما شأن هذا الصبي الذي قال لي الوزير عنه أنه ما خلا بصبية في الحارة الا وأوقعها والله أني أشتهي أن أنظره.ثم أنها نهضت على قدميها وهي بأثر الحمام وتقدمت جهة باب المقصورة ونظرت إلى علي نور الدين فإذا هو كالبدر في تمامهفأورثتها النظرة ألف حسرة ولاحت من الصبي التفاتة إليها فنظرها نظرة اورثته ألف حسرة ووقع كل منهما في شرك هوى الآخر، فتقدم الصبي إلى الجاريتين وصاح عليهما فهربتا من بين يديه ووقفا من بعيد ينظرانه وينظران ما يفعل، وإذا به تقدم من باب المقصورة وفتحه ودخل على الجارية وقال لها: أنت التي اشتراك أبي؟ فقالت له: نعم، فعند ذلك تقدم الصبي إليها وكان في حال السكر وأخذ رجليها وجعلها في وسطه وهي شبكت يدها في عنقه واستقبلته بتقبيل وشهيق وغنج ومص لسانها ومصت لسانه فأزال بكارتها فلما رأت الجاريتان سيدهما الصغير داخلاً على الجارية أنيس الجليس صرختا وكان قد قضى الصبي حاجته وفر هارباً للنجاة من الخوف عقب الفعل الذي فعله. فلما سمعت سيدة البيت صراخ الجاريتين مضت من الحمام والعرق يقطر منها وقالت: ما سبب هذا الصراخ الذي في الدار، فلما قربت من الجاريتين اللتين أقعدتهما على باب المقصورة قالت لهما: ويلكما ما الخبر، فلما رأياها قالتا: إن سيدي نور الدين جاء وضربنا فهربنا منه فدخل أنيس الجليس وعانقها ولا ندري أي شيء عمل بعد ذلك، فلما صحا هرب. فعند ذلك تقدمت سيدة البيت إلى أنيس الجليس وقالت لها: ما الخبر؟ فقالت لها: يا سيدتي أنا قاعدة وإذا بصبي جميل الصورة دخل علي وقال لي: أنت التي اشتراك أبي لي؟ فقلت نعم والله يا سيدتي اعتقدت أن كلامه صحيح فعند ذلك أتى إلي وعانقني، فقالت لها: هل فعل بك شيء غير ذلك؟ قالت: نعم، وأخذ مني ثلاث قبلات فقالت: ما تركك من غير افتضاض. ثم بكت ولطمت على وجهها هي والجواري خوفاً على علي نور الدين أن يذبحه أبوه. فبينما هم كذلك وإذا بالوزير دخل وسأل عن الخبر فقالت له زوجته: أحلف أن ما أقوله لك تسمعه قال: نعم فأخبرته بما فعله ولده فحزن ومزق ثيابه ولطم على وجهه ونتف لحيته، فقالت له زوجته: لا تقتل نفسك أنا أعطيك من مالي عشرة آلاف دينار ثمنها، فعند ذلك رفع رأسه إليها وقال لها: ويلك أنا ما لي حاجة بثمنها ولكن خوفي أن تروح روحي ومالي فقالت له: يا سيدي ما سبب ذلك؟ فقال لها: أما تعلمين أن وراءنا هذا العدو الذي يقال له: المعين بن ساوي، ومتى سمع هذا الأمر تقدم إلى السلطان وقال له.. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الحكاية التالية : وفي الليلة السابعة والأربعين