وحكايات عربية اُخرى
{
}
 
الصفحة الرئيسية > ألف ليلة وليلة > الليلة التاسعة والتسعين

الحكاية السابقة : الليلة الثامنة والتسعين


الليلة التاسعة والتسعين

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان : ثم تأخرت الجارية الأولى وتقدمت الثانية وقبلت الأرض بين يدي الملك والدك سبع مرات ثم قالت : قال لقمان لابنه : ثلاثة لا تعرف إلا في ثلاثة مواطن لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع إلا عند الحرب ولا أخوك إلا عند حاجتك إليه . وقيل : إن الظالم نادم وإن مدحه الناس والمظلوم سليم وإن ذمه الناس . وقال الله تعالى : ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم . وقال عليه الصلاة والسلام : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . واعلم أيها الملك أن أعجب ما في الإنسان قلبه لأن به زمام أمره فإن هاج به الطمع أهلكه الحرص وإن ملكه الأسى قتله الأسف وإن عظم عنده الغضب اشتد به العطب وإن سعد بالرضى أمن من السخط وإن ناله الخوف شغله الحزن وإن أصابته مصيبة ضمنه الجزع وإن استفاد مالاً ربما اشتغل به عن ذكر ربه ، وإن أغصته فاقة أشغله الهم وإن أجهده الجذع أقعده الضعف ، فعلى كل حالة لا صلاح له إلا بذكر الله واشتغاله بما فيه تحصيل معاشه وصلاح معاده . وقيل لبعض العلماء : من أشر الناس حالاً ? قال : من غلبت شهوته مروءته وبعدت في المعالي همته فاتسعت معرفته وضاقت معذرته . وما أحسن ما قاله قيس : وإني لأغني الناس عن متكـلـف ........ يرى الناس ضلالاً وما هو مهتدي وما المال والأخلاق إلا مـعـارة ........ فكل بما يخفيه في الصدر مرتدي إذا ما أتيت الأمر من غير بـابـه ........ ضللت وإذ تدخل من الباب تهتدي ثم إن الجارية قالت : وأما أخبار الزهد فقد قال هشام بن بشر : قلت لعمر بن عبيد : ما حقيقة الزهد ? فقال لي : قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : الزاهد من لم ينس القبر والبلا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد عداً من أيامه وعد نفسه في الموتى . وقيل : إن أبا ذر كان يقول : الفقر أحب إلي من الغنى والسقم أحب إلي من الصحة . فقال بعض السامعين : رحم الله أبا ذر أما أنا فأقول : من أتكل على حسن الاختيار من الله تعالى رضي بالحالة التي اختارها الله له . وقال بعض الثقات : صل بنا ابن أبي أو في صلاة الصبح فقراً يا أيها المدثر حتى بلغ قوله تعالى فإذا نقر في الناقور فخر ميتاً . ويروى أن ثابتاً البناني بكى حتى كادت أن تذهب عيناه فجاؤوا برجل يعالجه قال : أعالجه بشرط أن يطاوعني . قال ثابت : في أي شيء ? قال الطبيب : في أن لا تبكي . قال ثابت : فما فضل عيني أن لم تبكيا . وقال رجل لمحمد بن عبد الله : أوصني .
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

الحكاية التالية : الليلة المئة